السر القذر للأرباح القياسية لشركة بريتش بتروليوم

أردنا تصوير تجربة قياس التلوث بأنفسنا وكانت بناءً على نصيحة من كبار خبراء التلوث في العالم. وتدربنا على ذلك قبل أن نذهب إلى هناك. ونصحنا الخبراء أن نستخدم مايعرف باسم أنابيب الانتشار وهي عبارة عن اسطوانات نحاسية صغيرة بداخلها فلتر ترشيح لامتصاص الملوثات. عملنا مع عالم بيئة في المنطقة يدعى البروفيسور شكري الحسن، وهو الوحيد الذي يعمل في هذا المجال، لإجراء اختبارات على مدار أسبوعينبين أبناء التجمعات السكانية المجاورة لأربعة حقول نفط مختلفة في نطاق 10 كيلومترات من أبراج غاز الشعلة، بما فيها حقل الرميلة. كما أخذنا عينات من بول الأطفال لكشف وجود أي مظاهر تسمم مرتبطة بالتعرض لعمليات حرق الغاز. أشارت نتائج الاختبار الى أن 52 طفلاً ممن أجرينا لهم الاختبار ، وجود مستويات مرتفعة من النفثالين الأيضي في العينات وهي مادة يعتقد أنها مسرطنة. وأظهرت اختبارات الهواء التي قمنا بها وجود مستويات من البنزين أعلى بثلاث مرات من الحد المسموح به في أنحاء البلاد وكان أعلى بكثير في جميع الأماكن من الحد الآمن الذي تقول منظمة الصحة العالمية أنه يجب أن يكون صفراً. بعد بث فيلمنا الوثائقي، تعهد وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار اسماعيل، بأن كل انبعاثات الغاز من حقل نفط الرميلة سيتم التخلص منها بحلول 2026 لكنه قدم هذا التعهد في آخر يوم له في منصبه كما أن جميع التعهدات السابقة التي التزمت بها الحكومة حول حرق غاز الشعلة لم يتم الوفاء بها. ومع ذلك ليس من الواضح على عاتق من تقع المسؤولية القضاء على حرق الغاز ، فالحكومة العراقية تمتلك حقل النفط لكن شركة بريتش بتروليوم هي التي تديره إلى جانب شركاء لها. وقد أخبرنا وزير النفط العراقي في حينه عبد الجبار اسماعيل، أن خفض حرق الغاز يقع على عاتق شركة بريتش بتروليوم ( بي بي) ولكن بي بي تقول إن المسؤولية تقع على عاتق مشغلي حقل النفط وهي هيئة تشغيل الرميلة (روو) التي أسستها بي بي بالمشاركة مع شركات أخرى وتمتلك حصة 48 في المئة فيها. تحدثنا إلى عدد من المصادر داخل بريتش بتروليوم لمعرفة مدى التدهور الذي وصلت إليه الأحوال على الأرض. أخبرنا أحد الموظفين السابقين في الرميلة ويدعى روبرت ( وهذا ليس اسمه الحقيقي) “من منطلق أن بي بي هي المتعهد الرئيسي فعليها التزام أمام الحكومة العراقية بالتقيد بأفضل الممارسات الدولية عند التشغيل والصيانة لحقل الرميلة وأردف قائلاً” إن حرق الغاز “ليس سوى واحدة مما يصفه بالممارسات البغيضة في الرميلة والتي لا يمكن أن تكون مقبولة بأي حال في عمليات بريتش بتروليوم كما أنها لاتتوافق مع المعايير الدولية التي التزمت بي بي بتنفيذها عند التعاقد معها”. وقال إن الاخفاق في صيانة وتحديث النظم والبنية التحتية في الحقل تسبب في مشكلات مستعصية وأدت الى ” تسربات نفطية بصورة متكررة وحرق غاز وتسربات غازية لم يتم التخطيط لها”. وهذا الادعاء أكدهموظفون آخرون في بي بي أيضا وقد اطلعت البي بي سي على أدلة بالفيديو لتسربات نفطية كبيرة في حقل الرميلة. وقد أخبرنا موظفان سابقان آخران في بي بي أنه لا تتوفر عمليات مراقبة كافية للتلوث في الموقع مما جعلهما قلقين على سلامتهما. قال متحدث باسم بريتش يتروليم لبي بي سي “أود أن أفند بشدة المزاعم التي ذكرتموها فيما يتعلق بالسلامة التشغيلية في الرميلة . منذ أن عملت بي بي في العراق وبالتعاون معها شركاءها ادخلت تحسينات كبيرة ….وبعد سنوات من الصراع وتراجع الاستثمارات مازال يتعين عمل المزيد واننا ملتزمون تماما بادخال مزيد من التحسينات على حقل الرميلة وبصفة عاجلة”. أما بالنسبة لعلي فهو في طريق التعافي من سرطان الدم، لكن جهازه المناعي مازال ضعيفاً- وقد توقف عن التعليم ولم يعد يمارس الرياضة بعد أن كان يمثل البصرة في المسابقات الإقليمية لكرة القدم. توفي الكثير من الأطفال الآخرين الذين كانوا يعانون من السرطان والذين قابلناهم ونأسف لفراقهم بمن فيهم فاطمة ومصطفى اللذان كانا يبلغان 13 عاماً وكانا يعيشان بالقرب من حقول نفط اخرى في المنطقة وكذلك الطفلة بنين البالغة من العمر خمسة أعوام والتي فقدت أخاها الأكبر متأثرا بهذا المرض أيضاً. تحدث علي مراراً لبي بي بغية الحصول على تعويضات عن حرمانه من التعليم الذي لم يكمله وقال إن موظفاً من هيئة تشغيل الرميلة زاره ذات يوم بعد إذاعة تحقيق البي بي سي وطلب منه مرة أخرى دفع تعويضات. ” ذكرت له المرض الذي أعاني منه جراء التلوث وسألته إن كانت بي بي ستعوضني عن الضرر الذي لحق بصحتي. لكنني لم أسمع منهم منذ ذاك الحين”. وقال متحدث باسم بي بي إنه ليس من المناسب التعليق على محادثات خاصة بين موظفي الرميلة وأفراد ولكنه أضاف قائلا إن بي بي وفي الحال بعد اتصال البي بي سي أول مرة” بدأت بريتش بتروليوم بالعمل مع شركائها في الرميلة في النظر في القضايا المثارة وكيفية معالجتها حسب الضرورة وهذا يشمل مراجعة العمليات والاجراءات المتبعة لدعم المجتمعات المحلية وتفهم جوانب القلق لديها وهذه عملية متواصلة”.

وقبل تحقيقنا المبدئي أخبرتنا بريتش بتروليوم أنه “وفقاً للقواعد المطبقة” تقدم تقارير عن الإنبعاثات الناتجة عن غاز الشعلة فقط عندما تكون هي التي تدير الحقل وبالتالي فالبيانات الخاصة بالانبعاثات الغازية في حقل الرميلة والبيانات التشغيلية غير واردة في تقريرنا” قدر موطفون من داخل الشركة تحدثنا اليهم كلفة التحسينات التي تهدف الى الحد من الانبعاثات الناتجة عن حرق غاز الشعلة ما بين 3 الى 5 ملايين دولار وهو جزء بسيط جداً من اجمالي أرباحها ربع السنوية القياسية والتي بلغت 8 مليارات دولار حسبما أعلنت بي بي الاسبوع الماضي. شارك في التغطية جيس كيلي واسمي ستالارد.