روسي يختبئ في غابة متجمدة لتفادي المشاركة في الحرب

زوجة كالينين، التي قضت معه يومين في مخيمه خلال عطلة العام الجديد، تلعب دورا كبيرا في بقائه على قيد الحياة. فهي تجلب له الإمدادات كل ثلاثة أسابيع، حيث يلتقيان سريعا في مكان متفق عليه. ثم يحمل هو الإمدادات إلى مكان آمن يزوره كل بضعة أيام ليتزود. ويطهو كالينين طعامه باستخدام موقد يدوي الصنع وقوده الخشب. يقول: “لدي شوفان، وحنطة سوداء، وشاي وقهوة وسكر. لا أحصل على ما يكفي من الفاكهة والخضروات الطازجة بالطبع، لكن الأمر ليس سيئا”. منزل كالينين الجديد عبارة عن خيمة كبيرة من النوع الذي يستخدم عند الخروج لصيد الأسماك من المسطحات المائية المتجمدة. عندما جاء إلى الغابة للمرة الأولى، أقام مخيمين يبعد كلاهما عن الآخر مسيرة خمس دقائق. أحد هذين المخيمين به خدمة الإنترنت حيث يعمل، والآخر يوجد في موقع أكثر استتارا ينام فيه. وبينما اقترب الشتاء وازداد الطقس برودة، دمج بين المخيمين حيث بات يقيم ويعمل تحت سقف واحد. مؤخرا، انخفضت درجات الحرارة إلى 11 تحت الصف، وهو انخفاض فاق توقعاته. ولكن في الوقت الحالي، ومع ازدياد ساعات النهار مرة أخرى وبدء ذوبان الجليد، يعتزم كالينين البقاء في مكانه. ورغم أنه لم يتلق أمر الاستدعاء للخدمة العسكرية، إلا أنه يقول إن الموقف يتغير باستمرار، ويخشى أن يستلم ذلك الأمر في المستقبل. رسميا، يُستثنى العاملون في مجال تكنولوجيا المعلومات مثل كالينين من التجنيد، لكن هناك العديد من التقارير الواردة من روسيا والتي تفيد بتجاهل إعفاءات مماثلة. كان الرئيس الروسي قد أعلن التعبئة العسكرية في 21 سبتمبر/أيلول من العام الماضي بعيد الهجوم المضاد المباغت الذي شنته أوكرانيا في منطقة خاركيف، والذي استعادت خلاله السيطرة على أراض تبلغ مساحتها آلاف الكيلومترات المربعة من قبضة القوات الروسية. يقول كالينين إن التعبئة كانت ضرورية للدفاع عن روسيا ضد الغرب. لكنْ كثيرون في البلاد اعترضوا على ذلك، وكانت هناك مشاهد من الفوضى على الحدود الروسية، مع فرار مئات الآلاف من الأشخاص. استدعاء الجند أصبح له أثر بالغ على روسيا. فقبل الإعلان عنه، كان الكثير من المواطنين الروس قادرين على مواصلة حياتهم كما كانت قبل الحرب. صحيح أن بعض العلامات التجارية الغربية اختفت من البلاد، كما أن العقوبات المفروضة عليها صعبت من الإجراءات المالية، لكن التأثير المباشر على المجتمع كان محدودا. بيد أن التعبئة جعلت من الحرب واقعا ملموسا تشعر به الكثير من الأسر الروسية. فجأة، نُشر العديد من الآباء والإخوة والأبناء على الصفوف الأمامية للحرب في غضون فترة قصيرة، وفي أغلب الأحيان لم يحصل هؤلاء على تدريبات كافية، كما أن ما أعطي لهم من معدات رديء الجودة. إذا كان الصراع قد بدا شيئا بعيدا من قبل، فقد أضحى الآن من المستحيل تجاهله. ورغم ذلك، فإن الاحتجاجات العلنية أمر نادر الحدوث في روسيا – وهو ما انتقدته أوكرانيا وانتقده الغرب. لكن كالينين يقول إن الناس محقون في خوفهم مما قد يحدث لهم إن هم تظاهروا. يضيف: “لدينا دولة ديكتاتورية أصبحت قوية للغاية. خلال الأشهر الستة الماضية، طبقت قوانين جديدة بوتيرة سريعة لا يصدقها عقل. إذا ما انتقد شخص الحرب علانية، فإن الدولة تلاحقه”. حياة كالينين في الغابة أكسبته قدرا من الشعبية على شبكة الإنترنت، حيث يتابع نحو 17 ألف شخص منشوراته شبه اليومية على موقع تليغرام. ينشر كالينين صورا ولقطات فيديو لمحيطه، وروتينه اليومي، وكيفية تنظيمه لمخيمه. كما أن هناك العديد من اللقطات له وهو يقطع الخشب. يقول كالينين إنه لا يفتقد الكثير من تفاصيل حياته السابقة. فهو يصف نفسه بالشخص الانطوائي الذي لا يمانع الوحدة، وإن كان يفتقد زوجته ويود لو أن باستطاعته رؤيتها لفترات أطول. لكنه يشير إلى أنه لا يزال يفضل وضعه الحالي على الذهاب إلى الصفوف الأمامية للحرب أو دخول السجن. ويختم بالقول: “لقد تغيرت كثيرا، لدرجة أن الأشياء التي كنت أظن أنني سأفتقدها تلاشت وأصبحت على الهامش..الأشياء التي كانت تبدو مهمة في الماضي لم يعد لها نفس الأثر. هناك أشخاص في أوضاع أسوأ بكثير من أوضاعنا”.

Source link