ماذا يحدث للطفل “العبقري” عندما يكبر؟

يقول البروفيسور أران فرنانديز، الذي يشغل حاليا منصب أستاذ زميل بجامعة شرق المتوسط بشمال قبرص، إنه كان يسعى دائما إلى بذل قصارى جهده في دراسته، لكنه يضيف أن ذلك كان “من أجل شعوري الخاص بالرضا وليس بسبب الضغوط الخارجية”. “وجدت أنه بشكل عام، كان سقف ما يتوقعه الآخرون مني مرتفعا، إذ كانوا يرون أنه لابد وأنني كنت ‘عبقريا ‘ بسبب صغر سني، لكني لم أدع تصورات الآخرين أو توقعاتهم تؤثر على نفسيتي أو تضع ضغطا علي بدون داع”. لكنه يضيف أنه لا يحب مصطلح “الطفل العبقري”. “لم أكن، ولست، عبقريا، أنا فقط شخص مُنح فرصا استثنائية في مجال التعليم وتمكن من اغتنامها على أحسن وجه”. يقول فرنانديز إن ما حصل عليه من فرص ودعم لا يجعله “أفضل” من أي شخص آخر، بل كان في واقع الأمر مصدر إلهام له “لجعل الآخرين يستفيدون من تجربته، و مساعدتهم قدر المستطاع لكي يحصلوا على فرص ويحققوا نجاحات مماثلة”. بالطبع، كون المرء ذكيا وموهوبا في مرحلة الطفولة لا يعني أنه يدرك كل ما يتمناه طوال الوقت. جوسلين لافين، التي كانت طفلة موهوبة في مجال الموسيقى والتحقت بمدرسة تشيتام للموسيقى في مانشستر، وهي إحدى المدارس المرموقة في هذا المجال، تقول إن اعتبارها طفلة نابغة لم يؤثر عليها بشكل سلبي خلال نموها ونشأتها. لكنها تضيف أنه في مجال العمل، عادة ما يريد الناس أن تنفَذ المهام بطريقة معينة، “ولا يعجبهم الأمر عندما تخرج عن القالب المعتاد وتكون لك طريقتك الخاصة في التفكير وفي رؤية الأشياء”.

عملت لافين كمدرسة وسكرتيرة، وغير ذلك من الوظائف، وقبل بضعة أسابيع فقط تقدمت لما اعتبرته “الوظيفة المثالية” لها. “أجبت على الأسئلة التي شملها الاستبيان الملحق باستمارة التقدم، وأكدت أنني أشعر بأن بإمكاني تأدية الوظيفة بسبب مهاراتي في البحث والعثور على الأشياء. “غير أنهم ردوا قائلين إن إجاباتي على أسئلة الاستمارة كانت نقيض ما يبحثون عنه في الشخص المثالي للوظيفة، ما جعلني أشعر بأن ما أمتلك من مهارات يعرقل بحثي عن وظيفة مناسبة”. ومن منا لم يكن طفلا عبقريا ليس بحاجة إلى القلق. تقول وندي برلينر الصحفية المتخصصة في مجال التعليم إن البالغين الذين يحققون نجاحا استثنائيا غالبا ما يعود نجاهم بشكل أكبر “إلى شخصيتهم، إلى أمور مثل الإصرار والطموح والفضول”. وتضيف: “الدعم والمساندة أيضا في غاية الأهمية، فعند النظر إلى الأشخاص الذين يحققون نجاحات كبيرة، عادة ما تجد أن هناك شخصا داعما لهم يقف في الخلفية ويشجعهم”.
تربية طفل عضو بمِنسا قد تكون “مرهقة”
تقول لين كيندال، مستشارة شؤون الأطفال النابغين بمِنسا، إن الشيء الذي لاحظته في الأطفال النابغين هو رغبتهم الشديدة في التقدم، وأن لديهم “حاجة” ملحة للتعلم. تضيف أن مِنسا أسست مجموعة دعم لآباء الأطفال النوابغ تشارك فيها حاليا 300 أسرة، وأن كون المرء أبا أو أما لطفل نابغ له متطلبات كثيرة و”مرهق، ومحبط، ويكاد يتسبب في انفصال الأزواج”. تقول برلينر إن أي شخص يظن أن لديه طفلا نابغا عليه أن يتفادى “معاملة الأطفال بطريقة تهدف إلى إبرازنا نحن الآباء في صورة جيدة”. بدلا من ذلك، ينبغي أن “نشجعهم على أن يصبحوا أشخاصا يشعرون بالراحة والسعادة في حياتهم، هذا هو أهم شيء”. والكثير من الآباء ربما يجدون أنفسهم في هذا الموقف حاليا. بعد أن احتل الطفل البالغ من العمر أربعة أعوام تيدي عناوين الأخبار بسبب معدل ذكائه المرتفع، تقول كيندال إنها تلقت 38 رسالة إلكترونية من آباء لأطفال يبلغون من العمر ثلاثة أو أربعة أعوام، يطلبون منها المساعدة، ويقولون لها: “لدينا طفل كهذا”.
ما هي مِنسا؟
لدى منظمة مِنسا 140 ألف عضو من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم 18 ألف من داخل المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا. تصف المنظمة نفسها بأنها “أبرز رابطة لأصحاب معدلات الذكاء المرتفعة في العالم”، وتقول إنها توفر لأعضائها فضاء يتعرفون من خلاله على أشخاص ذوي عقليات مشابهة، ويتحدون أنفسهم من الناحية الفكرية، وينخرطون في أنشطة مثيرة للاهتمام”.
Source link